Skip to main content

نفقة الزيارة

لُحِظَ في الآونة الأخيرة صدور أحكام من بعض محاكم الأحوال الشخصية تلزم الأب بدفع نفقة للأولاد في أوقات الزيارة ؛ ولا شك أن نفقة الأولاد على أبيهم وليست على الأم ؛ إلا أن الحكم للأم بنفقة الزيارة من وجهة نظري محل نظر ؛ ذلك أن ذهاب الأولاد إلى بيت والدتهم اليوم واليومين لا يعني سقوط النفقة عن الأب ؛ فالأب أعد للأولاد المسكن وما يتبعه من احتياجات المنزل المعتادة ، والملبس والمطعم ، والأصل الاكتفاء بذلك .

ولو احتاج الأولاد لشيء فهو لازم للأب مباشرة دون أن يكون لزومه بواسطة دفعه للأم .

ومن وجه ثان فإن الأصل في النفقة هو العرف ، وقد جرى العرف أن الزيارة اليسيرة تجري مجرى الضيافة فلا نفقة فيها (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف ) فإذا أرادت الأم استضافة أولادها فلتقم بواجب الضيافة بما لا يشق عليها وبما يتناسب مع الحال .

ومن وجه ثالث فإن الزيارة هي لحظ الأم غالبا ، ولذلك تفرض بغير اختيار المحضون ؛ ولو كان من أهل الاختيار ، واذا كانت الزيارة لحظها فعليها غرمها .

ومع ذلك فإنه اذا زادت مدة الزيارة عن الحد المعتاد (اليوم واليومين والثلاثة) فإن وجوب تسليم النفقة الى الأم أمر متعين لأن ذلك في معنى الإقامة ؛ ولأنه خارج عن المعتاد ؛ ولأن مصلحة الزيارة هنا تعدت أن تكون للأم ودخل فيها معنى من معاني انتقال الحضانة فترة إليها مراعاة لمصلحة المحضون .

إلا أنه ينبغي التنبه عند سماع دعوى النفقة في الزيارة إلى عدة أمور :

الاول : تحرير الدعوى بتحديد زمن الزيارة تحديداً واضحاً ؛ والمطالبة بنفقة الزيارة وليس نفقة المحضون وقت الزيارة ؛ والفرق ظاهر فالزائر لا يحتاج إلى أن يُشترى له الملبس ولا يحتاج إلى أجرة المسكن ؛ وإنما يحتاج الى المطعم المعتاد وما زاد على ذلك من الترفيه عند الأم فإلزام الأب به لا وجه له .

الثاني : تحديد من تصرف له النفقة فإذا كان الولد فوق الخامسة عشر فهو أحق بنفقته هذه ، واذا كان صغيرا فتصرف لأمه ، او لمن الزيارة في بيته من جد أو خال أو زوج أم .

الثالث : الحذر من فتح الباب في مثل هذه القضايا حينما يتضح أن لأحد الطرفين فيها أهدافاً تتعلق بالكيدية أو النكاية بالطرف الآخر وإرغامه على دفع تكاليف لا علاقة له بها تتعلق بالترفه ، في هذا اشغال للمحاكم عن ممارسة دورها فقد يكون من المصالح العليا اغلاق هذه الأبواب في مثل هذه الحالات.

× whatsapp