يتحدث بعض المفكرين عن الحرية التفاوضية والتي تعني تفاوض المجتمع علي مبادئ وقوانين تقيد الحرية وذلك كحل لإشكاليات فوضوية الحرية المطلقةالتي ارتبطت بالفساد الديني والأخلاقي
، ويطرح هؤلاء الحرية التفاوضية حلا لتناقضات الحرية ، والحقيقة أن التفاوض في الحرية لا يمكن إلا بفرض قيم لا تقبل التفاوض ، والذي يفرضه من له الغلبة ، وبناء عليه فإن هذه القيم التي لا تقبل التفاوض لا خيار لأحد في الخروج عليها ، فالعلمانية والديمقراطية في فرنسا لا يقبل من أحد المنازعة فيها باسم الحرية.
ومن جهة أخرى فإن التفاوض ممكن غالباً في القضايا الجزئية ؛ لكنه مستحيل عادة في القضايا الكلية حيث يعتبرها بعضهم مسلمات لا تقبل التنازل ولا التفاوض ، ويضحون لأجلها بأرواحهم ، ولهذا نجح التفاوض في الوصول إلي قواعد في أوربا وأمريكا لكون خلافهم في الجزئيات ، حيث اتفقوا جميعا علي العلمانية كمرجعية لا تقبل التفاوض بخلاف البلاد الإسلامية فالخلاف فيها في الكليات ؛ كتحكيم الشريعة ومرجعية الدين فيستحيل عادة الوصول إلي حل تفاوضي بين الإسلام والعلمانية ولهذا ينادينا القرآن بأن تكون المرجعية في الاجتماع عليه وبه (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) وداخل هذا االحبل المتين فضاء فسيح يسعنا التفاوض فيه كما نشاء .