في بيان الفرق بين الشح والبخل
كتبه إدارة الموقع وضمن . نشر على مختارات.
قال في “غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب” ٢/ ٤٢٧-٤٢٨ :-
(مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ الْفَرْقِ بَيْنَ الشُّحِّ وَالْبُخْلِ : وَقَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ فِي كِتَابِهِ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي الْكَلَامِ عَلَى السَّخَاءِ وَالشُّحِّ: الْفَرْقُ بَيْنَ الشُّحِّ وَالْبُخْلِ أَنَّ الشُّحَّ هُوَ شِدَّةُ الْحِرْصِ عَلَى الشَّيْءِ وَالْإِحْفَاءُ فِي طَلَبِهِ، وَالِاسْتِقْصَاءُ فِي تَحْصِيلِهِ، وَجَشَعُ النَّفْسِ عَلَيْهِ.
وَالْبُخْلُ مَنْعُ إنْفَاقِهِ بَعْدَ حُصُولِهِ وَحُبِّهِ وَإِمْسَاكِهِ، فَهُوَ شَحِيحٌ قَبْلَ حُصُولِهِ، بَخِيلٌ بَعْدَ حُصُولِهِ.
فَالْبُخْلُ ثَمَرَةُ الشُّحِّ، وَالشُّحُّ يَدْعُو إلَى الْبُخْلِ، وَالشُّحُّ كَامِنٌ فِي النَّفْسِ، فَمَنْ بَخِلَ فَقَدْ أَطَاعَ شُحَّهُ، وَمَنْ لَمْ يَبْخَلْ فَقَدْ عَصَى شُحَّهُ وَوُقِيَ شَرَّهُ وَذَلِكَ هُوَ الْمُفْلِحُ ﴿ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9]
وَالسَّخِيُّ قَرِيبٌ مِنْ اللَّهِ وَمِنْ خَلْقِهِ وَمِنْ أَهْلِهِ، وَقَرِيبٌ مِنْ الْجَنَّةِ وَبَعِيدٌ مِنْ النَّارِ.
وَالْبَخِيلُ بَعِيدٌ مِنْ اللَّهِ بَعِيدٌ مِنْ خَلْقِهِ بَعِيدٌ مِنْ الْجَنَّةِ قَرِيبٌ مِنْ النَّارِ.
فَجُودُ الرَّجُلِ يُحَبِّبُهُ إلَى أَضْدَادِهِ، وَبُخْلُهُ يُبَغِّضُهُ إلَى أَوْلَادِهِ، وَأَنْشَدَ:
ويُظهِرُ عَـيـبَ المرءِ في الناس بُخلهُ ويـستُـرُهُ عنهم جـميـعاً سَــخَـاؤُهُ
تَـغَـطَّ بأثــوابِ السـَّـخــاءِ فإنَّنِـي أرَى كلَّ عَيبٍ، والسخاءُ غِطَاؤهُ
قال: وحد السخاء بذل ما يحتاج إليه عند الحاجة، وأن يوصل ذلك إلى مستحقه بقدر الطاقة.
وليس كما قال بعض من نقص علمه: حد الجود بَذْلُ الْمَوْجُودِ، وَلَوْ كَانَ كَمَا قَالَ لَارْتَفَعَ اسْمُ السَّرَفِ وَالتَّبْذِيرِ، وَقَدْ وَرَدَ الْكِتَابُ بِذَمِّهِمَا وَجَاءَتْ السُّنَّةُ بِالنَّهْيِ عَنْهُمَا. قَالَ: وَإِذَا كَانَ السَّخَاءُ مَحْمُودًا فَمَنْ وَقَفَ عَلَى حَدِّهِ سُمِّيَ كَرِيمًا وَكَانَ لِلْحَمْدِ مُسْتَوْجِبًا، وَمَنْ قَصَّرَ عَنْهُ كَانَ بَخِيلًا وَلِلذَّمِّ مُسْتَوْجِبًا.) ا.هـ